البطالة وفقدان البصر يحولان شاباً مواطناً إلى "رهين المحبسين" (صورة)


بحثه الدؤوب عن فرصة عمل جعله يحفظ 80 رقماً هاتفياً لمؤسسات
البطالة وفقدان البصر يحولان شاباً مواطناً إلى رهين المحبسين

*جريدة الخليج

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


رأس الخيمة – حصة سيف:

تتبدد أحلام الشاب الكفيف المواطن جمال عبدالله الدهماني (24 عاماً)، يوماً بعد آخر، وهو يبحث بحثاً مضنياً عن فرصة عمل يبدأ بها خطوته الأولى على طريق المستقبل وبناء الذات، على غرار أقرانه “المبصرين”.

لا تعدو أحلام الدهماني، كما يقول: العمل في “بدالة”، وهي وظيفة بسيطة تتناسب مع طبيعة إعاقته، حيث المطلوب منه مساعدة المتصلين بالمؤسسات العامة أو الخاصة ومجرد الضغط على “صفر”. ورغم أن تلك الوظيفة “أصغر” من أحلامه، لكنها أفضل من شبح البطالة، وهو، على كل حال، لا يزال “حبيس البطالة”، كما هو “حبيس الظلام”.

هكذا يلخص الكفيف العشريني المواطن، من أبناء منطقة المنيعي، 120 كيلومتراً جنوب مدينة رأس الخيمة، قصته وأحلامه البسيطة التي تبدو حتى الآن عصية وصعبة المنال، وهو يعيش سنوات شبابه بحسرة، بحسب وصفه، فيما بدأ أقرانه تكوين حياتهم الخاصة وأصبحوا آباء، ينالون حقوقهم وتوكل إليهم المسؤوليات.

يقول جمال: أريد أن أعمل في مهنة تقدر ذاتي ومهاراتي، وكوني ضريراً لا يعني أن كل حواسي لا تعمل، قدراتي كأي شاب قوي البنية، تمنحني طاقة واندفاعاً، لكن للأسف لا أستطيع أن أستغلها حتى الآن سوى في تمضية وقتي في المقاهي.

ويرجع إلى الخيط الأول في “قصة معاناته”: كنت بصيراً قبل 5 سنوات، قبل أن يداهم السكري جسدي ويسرق نظري، ومازلت أختزن مناظر الحياة كافة، التي وهبني الله تعالى، حتى ذلك الوقت القدرة على النظر إليها. وأتذكر تفاصيل منطقتي “المنيعي” بأحيائها وشوارعها ومؤسساتها المعدودة على الأصابع الخمس، وإلى الآن أبني على تلك الصور حياتي وتخيلاتي، وأقولها: “للأسف الضرير في مجتمعي البعيد عن المدينة مهمش، لاسيما من كان بصيراً، مثلي، لا فرق بينه وبين السوي في شيء، ويصعب على الإنسان أن يفقد إحدى حواسه وهو بكامل قواه الجسدية والعقلية، وهو أيضاً في عز شبابه”.

ويؤكد: أريد عملاً ولو كان “موظف بدالة”، ومهما كان شأنه، لأنني حريص عليه كعمل شريف أقضي فيه وقتي وأكون فيه ذاتي، وكي لا أبقى صفراً على الشمال مدى حياتي، وفق تعبيره. ويقول: أمضي وقتي حالياً بالتواصل مع الجهات، التي يمكن أن أحصل فيها على فرصة عمل.

وينوّه بأنه يحفظ، عن ظهر قلب، أكثر من 80 رقماً هاتفياً لمؤسسات عامة وخاصة، وهو ما يحصل بعد أن يطلب “الرقم” من “البدالة” أو من أصدقائه وأهله، إذ يكفي أن يردد الرقم على مسامعه مرة واحدة ليثبت في ذاكرته.

عبدالله الدهماني (65 عاماً)، والد جمال، يقول: “قدمت له طلبات توظيف في كثير من المؤسسات الاتحادية، التي لها أفرع قريبة من المنيعي، لكني لم أجد أي تجاوب، ورغم استعداده للتطوع والتدريب، لكنه لم ينل أي فرصة بعد، وجمال هو الوحيد من أبنائي الثمانية، الذي عانى داء السكري منذ ولادته، وأكمل دراسته إلى الصف التاسع، ولا فرق بينه وبين الأسوياء، سوى أنه فقد البصر فجأة، ولم نكن نتوقع أن يصل الحال إلى ما وصل إليه، والحمد لله سبحانه، على كل حال”.

شاهد أيضاً

افتتاح طريق يربط قطار الاتحاد بشارع المنامة في رأس الخيمة

افتتاح طريق يربط قطار الاتحاد بشارع المنامة في رأس الخيمة *جريدة البيان خلال افتتاح المرحلة …